CRMEF- Benslimane
Formation

النقل الديداكتيكي

المركز الجهوي لمهن التربية و التكوين – بنسليمان

مادة علوم التربية  - الأستاذ: محمد سعد

 

تخطيط وضعيات التعلم : طرق التدريس و النقل الديداكتيكي

قراءة في كتاب رهانات البيداغوجيا المعاصرة

للدكتور عبد الحق منصف
الجزء الأول


 I- اختيار طريقة التدريس

1-      مدخل عام:

لم يعد التدريس تبعا للبيداغوجيا المعاصرة مجرد نقل للمعارف و المضامين و المحتويات للمواد بشكل إلقائي، بل أصبح توليدا لأنشطة التعلم و تغذية لها بوسائل ملائمة التي يتم نقلها للمتعلم و تزويده بها [1]. إنه مجموعة من النشطة المنظمة و الموجهة للتثقيف و التعليم مقصدها الأساسي مساعدة المتعلم على امتلاك أدوات فكرية و أهمها على الخصوص المعارف التي تحظى بالامتياز داخل عملية التربية المدرسية. إن نظام التدريس بكامله يتجه نحو تحقيق التعلم و تسهيله.[2] كما أن الأساس السيكولوجي لنظريات التعلم المعاصرة تتجه إلى جعل المتعلم محور عملية التدريس و التعلم هو المادة الأساسية التي تتحكم في الأهداف و البرامج و المقررات من خلال اعتماد مقاربات  تراعي منطق النمو و التعلم و التحفيز و ربط التعلمات بالسياقات الاجتماعية و الحياتية.

 ما هي حدود عمل المدرس في هذا السياق؟

إنه يقدم المعلومة أو يجعلها متاحة للتلميذ، و يحللها و يصوغ العمليات الضرورية التي تجعل اكتساب المعرفة ممكنا و سهلا. يقوم إذن بتحويل المعرفة إلى أنشطة و تمارين للتدريب على المهارات تكون ملائمة للأهداف المخططة. إن الإلقاء لا يمكن أن يؤدي وظيفته داخل أنشطة التدريس ما لم يخضع لشروط بيداغوجية أهمها توجيهه نحو مهام تكون في مقدور المتعلم انجازها، كما ينبغي أن يكون الإخبار و نقل المعلومات أن يحترما السجل المعرفي le registre du pré-requis للمتعلم   بمعنى حصيلة الخبرات و المعارف التي تراكمت عند المتعلم بشكل سابق و أصبحت جزءا من رصيده المعرفي و الذهني، و يجب أن يتلاءم هذا الإخبار مع اهتمامات المتعلم و حاجاته و قدراته النفسية و الذهنية[3].

و المحصلة أن الإلقاء يجب أن يكون مساعد على التعلم  ليس معيقا له، و ألا يستنفد التلقين مجهود الأستاذ، فلا بد أن يستطيع الأستاذ المحترف أن يعيد تنظيم الإلقاء و يجد له صيغا جديدة أكثر مرونة تتكامل مع الأنشطة التدريسية الأخرى.

ما هي هذه الأشكال التي يمكن أن يتخذها الإخبار؟

إن إلغاء نشاط الإلقاء في التدريس هو مزايدة عبثية فقط، لكن ما يجب نقده هو اختزال التدريس ككل في فعل الإلقاء، لأنه يحول لغة الأستاذ إلى لغة نمطية على المتعلم أخذها كما هي دون القدرة على استيعابها و فهم مصطلحاتها و حدودها، و من جهة ثانية يحول المتعلم إلى مجرد تابع و متلقي سلبي للمعلومات الملقاة من طرف الأستاذ، و من جهة ثالثة يقضي على كل تفاعل متبادل بين الأستاذ و المتعلمين يكون قاعدة لبناء التعلم و المعرفة. لقد انتهى زمن المدرس... و حل زمن المتعلم، و تحولت مهمة المدرس في مساعدة المتعلم على إيجاد طريقه نحو التحرر من جهله و التخلص من كسله و شق طريق العمل من اجل بناء تعلماته و تحمل مسؤولية فيها إلى جانب المدرس.[4] و إذا كان التلقين ضروريا في عملية التدريس فيجب أن يوظف بغرض التكوين لا الشحن المعرفي و الذهني، و عليه أن يساعد المتعلم على تعلم كيفية اتقاء المعلومات المفيدة و عزل الوثائق و النصوص و تحليلها و ترتيبها...، و هكذا، يجب على نقل المعلومات داخل التدريس أن يكون منظما لعمليات معالجتها و إعادة بناءها بهدف إنتاج معلومات أخرى انطلاقا منها.[5]

انطلاقا مما سبق يكون التدريس مشروطا بتكوين بيداغوجي مستمر و فعال يضمن ضبط المدرس الأدوات الديداكتيكية التي يوظفها في الفصل،  منها على وجه الخصوص الديداكتيك الخاص بالمادة المدرسة و خصوصياتها المنهجية، إلى جانب الوعي بالكفايات الأساس و الأهداف الخاصة بكل مادة و درس إلى جانب الكفايات المستعرضة، بالإضافة إلى طرق التنشيط و التدبير البيداغوجي لأنشطة التعلم و التقويم بأنواعه و شروطه. كما يجب ربط العمل الديداكتيكي للمدرس بالتكوين البيداغوجي، لأن التدريس يرتبط بنظريات علمية في مجال النمو و التعلم حتى يكون التدريس ملائما لقدرات المتعلم و حاجياته و إيقاعات تعلمه. لذلك يكون تنظيم أنشطة التدريس و تخطيطها و تدبيرها جزءا من البرنامج البيداغوجي الفعلي لتعليم المادة الدراسية حتى يمكن تفادي الارتجال و العشوائية و صعوبات التعلم التي يمكن أن تواجه المتعلمين، ليس المدرس مجرد شخص يهيمن على مساحة القول، بل هو فاعل داخل جماعة المتعلمين. و ينبغي عليه أن يضبط لحظات تدخله الشفوي و الكتابي و أنواع هذه التدخلات:توجيه، أمر و تعليمات،تحليل، أعطاء معلومة،تحفيز، تنشيط، تقويم،تصحيح...و كل هذه الأنشطة يجب أن تتم على أساس الشروط التالية:[6]

-         مراعاة المعطيات الأساسية للمادة المدرسية و نوع التشغيل الذي تتطلبه.

-         معطيات نظرية التعلم و نوع التكوين و التوجيه و الدعم الذي تستوجبه.

-         معطيات الديداكتيكية للطرق و الأدوات و دينامية الجماعة التي تضمن فعالية التعلم.

 

2-      تعدد الأنماط التعليمية:

تتضمن الطرق البيداغوجية الحديثة على حزمة من الطرائق المتنوعة حسب تعدد الوضعيات و الغايات التعلمية، و يمكن أن نصنفها حسب طبيعتها إلى الأنواع التالية:

-         التدريس العام: و يوجه إلى مجموع أفراد جماعة الفصل و يعتمد على طريقة جان فريدريك هاربارت 1776- 1841 التي تقوم على مبدأ وحدة الدرس و نمطية المعرفة و النشاط، و يمثل الدرس هنا وحدة كلية قابلة لن تنطبق على كل الدروس في كل المواد و الأسلاك، و تتلخص عناصر الدرس في المراحل التالية:

أ‌-        التقديم: وظيفته التذكير و التحفيز وإثارة انتباه المتعلمين.

ب‌-    العرض: و هو عبارة عن تقديم مضامين الدرس للمتعلمين و غاليا ما يأخذ هذا العرض شكل خطاب شفوي.

ت‌-    التمرين: و هو لحظة تمرينات هدفها تثبيت محتويات العرض في أذهان التلاميذ.

ث‌-    خاتمة الدرس: و هي تثبيت و تركيب عام للقواعد الأساسية للدرس و غالبا ما تأخذ شكل ملخص مكتوب يوجه للحفظ و الاسترجاع.[7]

لقد تم اعتماد أسلوب هاربارت لفترة طويلة في التدريس، لكنه اليوم يعتبر أسلوبا تقليديا و متجاوزا في المدارس العصرية، و حلت محله أنماط جديدة خصوصا تلك التي تدخل في طرق التعليم المفرد Enseignement individualisé.

-         التعليم المفرد:  يقوم على مسلمة أن المتعلمين يختلفون عن بعضهم البعض في إيقاعات التعلم و القدرات النفسية و لذهنية و المعرفية، و بالتالي يجب على التعلم أن يكون مخصصا و منسجما مع كل فرد حسب خصوصيته و خصائصه. فهذا النوع من التعليم تصاحبه عملية تقويم و تشخيص قبلية و دائمة لقدرات المتعلمين للتعرف على إمكانياتهم و احتياجاتهم، و بالتالي معرفة نمط التعليم الذي يناسبهم، و تعرف هذه الطريقة ببيداغوجيا الفوارق – سنعود إلى هذه البيداغوجيا لاحقا من أجل التفصيل في أسسها و شروطها في مجزوءة التدبير.

إجمالا يمكن القول إن البيداغوجيا المعاصرة  طورت عدة أشكال من الأنماط التعليمية إلى جانب عدة أشكال من أنماط العمل الديداكتيكي يمكن للمدرس الاشتغال بها و استثمارها في ممارسته الفصلية لمساعدة المتعلمين على تحقيق تعلم فعال، و قد ميز مؤلفو كتاب" أسس الفعل الديداكتيكي"

Les fondements de l’action didactique بين ثلاثة أنواع كبرى و أساسية:

1)      نوع يقوم على محورية عمل المدرس الذي يقدم المادة و المحتويات و يتحكم في عمليات التعليم و التعلم بشكل مباشر، لكن هذا النمط أصبح جزءا من التراث الديداكتيكي في الدول المتقدمة بيداغوجيا.

2)      نوع يقوم على المساهمة المتبادلة بين المدرس و التلاميذ، بحيث يأخذ الدرس شكل تواصل أو تفاعل داخل المادة الدراسية على شكل حوار و مهام يقترحها المدرس على المتعلمين.

3)      نوع يرتكز على نشاط المتعلمين بنسب عالية و يتراجع فيها تدخل المدرس، ليقتصر على توفير الدعامات و مصادر المعلومات و توجيه التعلم و الأنشطة بشكل غير مباشر,

و تبعا لهذه الأنماط السابقة صنف كتاب أسس الفعل الديداكتيكي أنماط النشاط الديداكتيكي إلى ثلاثة أنواع:

-         نمط قائم على العرض

-         نمط قائم على الحوار

-         نمط قائم على البحث أو طريقة المهام.

3-      تعدد الطرق التدريسية:

-         طريقة التدريس الإلقائي: سبق شرحها اعلاه.

-         الطريقة الحدسية أو التشخيصية: و هي عند بعض البيداغوجيين شكل من أشكال الطريقة الإلقائية، و ترتكز هذه الطريقة على استعمال التشخيص في الخطاب الشفوي للمدرس بتمثيلات مرئية تشخص المضمون، و قد تتخذ شكل تجربة داخل المختبر أو في الفصل، و قد تكون لعبا للأدوار و تقمصا و غير ذلك، و الغرض من هذه الطريقة هو نقل المتعلم من مجال الإدراك المجرد إلى مجال الإدراك الحسي و الفهم المشخص. فالتدريس هنا يتحقق عبر استعمال الأشياء و الأدوات بدل الكلمات و المعاني.

-         الحوار: هو أسلوب تعليمي مهم في تحقيق التفاعل بين المتعلمين و المدرس في نفس الوقت، و يعتبر ركيزة أساسية للممارسة التدريسية، و عصب التواصل داخل المجال المدرسي. ويمكن تقسم الحوار حسب مؤلفي أسس الفعل الديداكتيكي إلى نوعين:

1.      حوار مفتوح أو مناقشة: لا يكون مشروطا بموضوع معين إذ يمكن أن يقترح المتعلمون أي موضوع كان، و لا يتدخل المدرس سوى في تنشيط الحوار و توجيهه، و يكون هذا الحوار مهما في ترسيخ التواصل بين التلاميذ من جهة و المدرس من جهة أخرى، و يساعد أيضا على تنمية كفايات التعبير و حرية الرأي.

2.      الحوار الديداكتيكي: و يخضع لأهداف محددة يضعها المدرس و تكون في الغالب موجهة لخدمة موضوع في البرنامج أو في درس معين، و يكون الحوار عبارة عن عملية تفاعل عن طريق سؤال و وجواب.[8]

إن فرص استثمار الحوار في التدريس مهمة و متنوعة بشرط الوعي الدقيق و التام بمختلف أنواع الأسئلة سواء التوليدية، و التوجيهية، و الإيحائية، و التحفيزية، و الاستنكارية، و الطلبية... و تبعا لذلك وجب توفر عدة شروط ديداكتيكية في الأسئلة، منها:

-         ضرورة ارتباط هذه الأسئلة بالموضوع المعالج، و تكون صعبة بالقدر الضروري الذي تثير فيه اهتمام المتعلم دون أن تتحول إلى عائق سيكولوجي أمامه يدفعه إلى العزوف.

-         ضرورة صياغة الأسئلة بعبارات واضحة وصحيحة تجعلها سهلة الفهم و الاستيعاب لدى المتعلم.

-         ضرورة تكييف الأسئلة مع متوسط قدرات الفصل إذا كانت تستهدف مجموع الفصل، و مع قابلية و قدرات التلميذ الذهنية و المعرفية إن كانت أسئلة فردية.[9]

-         يجب أن تحافظ الأسئلة على ترتيب منطقي و نفسي يساهم في خلق نوع من الانسجام الذهني في المتعلم، و يجب تفادي الاضطراب و العشوائية في تنظيم الأسئلة و ترتيبها من الخاص إلى العام أو من المشخص إلى المجرد.

-         يجب تحديد الغاية من السؤال: هل هو لإثارة الانتباه؟ أم هو من أجل توجيه الفهم و التحليل و الملاحظة؟ أم هو من أجل التلخيص و التركيب؟ أم هو من أجل البحث؟ أم هو من أجل التقويم؟...

-         يجب على المدرس أن يدمج أسئلة التلاميذ في حزمة الأسئلة التي يقترحها أو يقدمها لهم من أجل البحث و التفكير فيها.

3.      طريقة المهام و حل المشاكل: و هي من بين الطرق المستحدثة غايتها دفع المتعلمين للانخراط في عملية التعلم، و إخراجهم من موقف السلبية إلى الفعل البناء للتعلم. و هي غالبا ما تكون مغلقة، أي ترتبط بغلاف زمني محدد و تكون في الفصل، و قد تكون مفتوحة على غلاف زمني متوسط و تكون خارج الفصل.

و تأخذ هذه الطريقة صيغا ديداكتيكية مختلفة من أهمها:

-         طريقة الاستكشاف الشخصي: تكون فعالة في الفصل  و موجهة لأجل أهداف محددة في وضعيات محدودة يطلب فيها من التلاميذ ملاحظة أو اكتشاف مفهوما أو وضعية ما أو تصورا... و تعطي هذه الطريقة هامشا كبيرا للمتعلم يأخذ فيه المبادرة للانتقال من مجال الإدراك الحسي إلى إدراك المفاهيم و المعاني و القواعد العامة. و قد لخص برونرBruner أهم ايجابيات الاكتشاف الشخصي في كونها:

تنمي الإمكانيات الفكرية للتلميذ على تشخيص المشكلات و حلها عبر تحويل المعرفة و توظيفها بشكل فعال.

كما أنها تنمي الحافزية لديه في الإقبال على التعلم من خلال مواجهة عوائق شبيهة بتلك التي تعترضه في الواقع المعاش. تساعد المتعلم على نقل المعرفة و الخبرات المكتسبة إلى وضعيات و مواقف جديدة.  تمكن من جعل المعارف المكتسبة قاعدة لاستنباط أو اكتشاف معارف جديدة.[10]

-         العمل المنزلي: هو طريقة إضافية لطريقة المهام و ينسجم مع المهام المفتوحة، و من الخطأ اعتبار العمل المنزلي مكملا للعمل الفصلي، بل هو مكون أساسي في برنامج التدريس المعاصر. فالعمل المنزلي يسمح للتلميذ بالاستقلالية في العمل و التكيف مع ظروفه و إيقاع عمله. كما يسمح للإباء بمراقبة و المساهمة في عمل أبناءهم بشرط ألا يكون العمل المنزلي كثيفا و متكررا كل يوم.[11]

-         حل المشكلات: و هي طريقة فعالة في بناء التعلمات و إدماج المتعلمين في العملية،و تكمن أهميتها في الدور الذي تعطيه للمشكلات في التعلم، و غالبا ما تكون المشكلة مصر تحفيز ذهني و سيكولوجي للمتعلم و في نفس الوقت تمنح معنى للوضعية التعلمية. فالمشكلة تكون عبارة عن وضعية تتضمن عناصر قريبة من الواقع، و عائقا يكون صريحا أو يمكن التصريح به في المهمة. و تنسجم طريقة حل المشكلات مع مفهوم بياجي J piaget للذكاء باعتباره بنية ذهنية تسعى إلى خلق توازن جديدة أمام مشكلة تتطلب استيعاب عناصر معر/فية جديدة و إعادة تنظيم البنية المعرفية من أجل إيجاد حل و البحث عن توازن جديد. و يعتبر بروسوG Brousseau من المنظرين الأساسيين لوضعيات المشكلات، و قد وضع لها شروطا يمكن تلخيصها فيما يلي:" هذه المشاكل التي تكون منتقاة بشكل يدفع التلميذ إلى قبولها ، ينبغي أن تثير استجابة التلميذ و أن تدفعه إلى الكلام و التفكير و التطور الذاتي. فبين اللحظة التي يقبل فيها التلميذ المشكل و يتبناه، و اللحظة التي يبني فيها إجابته الخاصة ، يرفض المدرس التدخل كعارض للمعارف لكي يعاين اكتشاف المتعلم لها بذاته. و المتعلم يعلم جيدا أن المشكل قد اختير لكي يحله و يكتسب منه معرفة جديدة. لكن ينبغي أن يعرف أيضا أن هذه المعرفة تجد تبريرها الكامل في المنطق الداخلي للوضعية التي يتعلم فيها، و أنه بإمكانه بناءها دون اللجوء إلى دواع ديداكتيكية، و هو قادر على ذلك فقط، بل هو ملزم بذلك لأنه لن يكون بإمكان أداءها بذاته داخل وضعيات سيواجهها خارج كل سياق تعليمي و في غياب كل توجيه قصدي، فمثل هذه الوضعيات هي التي تسمى وضعيات لا ديداكتيكية"[12]

-         عمل المجموعات: تمكن هذه الطريقة من تشغيل التلاميذ نظرا لعددهم الكبير في الفصل مما يجعل إمكانية تشغيلهم فرادى صعبة على المدرس، و من جهة ثانية تمكن هذه الطريقة من بناء التعلمات بشكل جماعي أو ما يسمى بالبناء الاجتماعي للتعلمات، و غاية تدخل فيه أهداف تنمية الكفايات الاجتماعية و القيمية للتعلم عن طريق التعاون و التعلم بين الأقران، بدل التعلم الفردي و الفرداني الذي يكرس الانعزال و المنافسة و يسيء إلى علاقات التلميذ و تمثلاتهم حول بعضهم البعض.

و يمكن إجمال فضائل هذه الطريقة فيما يلي:

ü     إشباع الحاجات الوجدانية و الانفعالية للمتعلمين من خلال تعزيز الثقة لدى الفرد بتواجده وسط المجموعة و كذلك لتكريس قيم التضامن و العمل المشترك.

ü     اكتساب مواقف و سلوكات اجتماعية.

ü     التعلم من الأقران

ü     التحفيز الذهني و التكامل المعرفي بين التلاميذ

ü     تنظيم العمل المشترك بناء على التبرير و الحجة

ü     تعزيز القدرة على التواصل و التعبير

يمكن للمدرس أن يترك عمل المجموعات حرا و مفتوحا كما يمكن أن يتحكم فيه من خلال تحديد عدد أفراد المجموعات و أنواعها و قواعد عملها، كما يمكن أن يكون عمل المجموعات في الفصل كما يمكن أن يكون خارج الفصل. سنعود إلى هذا الموضوع في مجزوءة التدبير للتفصيل فيه.

-         العمل الفردي: غالبا ما ينسجم مع الطرق التقليدية للتدريس خصوصا الطريقة الإلقائية لأنه يركز على القيام بمهام يقترحها و يوجهها المدرس لكي يكتشف حجم و نوعية تعلمات التلميذ. و هي في الغالب تنسجم مع منظومة قيمية بيداغوجية تقوم على المنافسة و التفوق الفردي و إبراز التفاوت بين المتعلمين في إيقاع التعلم و جودته. لكنها اليوم أصبحت متجاوزة أمام الطرق الجماعية للعمل، و لا يتم اعتماد العمل الفردي إلا في حالة الوضعيات التقويمية بعد أن يكون المتعلم اشتغل و اكتسب تعلمات مبنية بطريق جماعية و عليه أن يمر إلى مرحلة الاستيعاب و التطبيق الفردي.


[1]       لوي نوي: التدريس و تنشيط التعلم

[2] شارل هادجي: التقويم و قواعد اللعبة، ص 86

[3] أوليفي برول: ما هو التعلم؟: ص 19

[4] نفس المرجع: ص 125

[5] المرجع السابق:ص 36

[6] فليب ميريو:التدريس، مقترح خطة لعمل جديد، ص 58

[7] روبير دوترانس و غاستون ميالاريه و آخرون: التربية و التعليم،ص 48-49

[8] دي كورتي:أسس الفعل الديداكتيكي،ص 149

[9] روبير دوترانس:التربية و التعليم، ، مرجع سابق،ص40

[10]   المرجع السابق،ص 152

[11] المرجع السابق، ص154

[12] ج بروسو: أسس الديداكتيك و الرياضيات و مناهجهما، مجلة أبحاث في ديداكتيك الرياضيات عدد 7 و 8

Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement